منافع الحظر المنزلي.. كيف تستفيد منه بأقصى قدر ممكن؟

من أكبر منافع الحظر المنزلي لمن يتدبر ويعتبر هو تقدير الإنسان لأهميته عند الآخرون في حالة غيابه. والأهمية التي أقصدها هنا ليست ممثلة في الحب أو الكره بل في مدي احتياج الآخرين إلي مهاراتك والمهام التي كنت تقوم بها. فإذا كان مكوثك في بيتك، وهو ضروري بالطبع، لم يؤثر بالسلب في من كنت تظن أنك تعمل من أجل مصلحتهم، فهو مؤشر واضح أن وجودك يتساوى مع عدم وجودك وذلك مؤشر خطير لأهميتك لغيرك في هذه الحياة.
وغيرك هنا ليس أهل بيتك فهذا واجب لا مفر منه بل مسؤولية بالتبعية. وطبيعة ودرجة عملك هنا ليست مهمة لأن كل عمل أيا كان حجمه ودرجته وطبيعته بذات القدر من الأهمية للآخرين. ولذلك فالحظر المنزلي هو ابتلاء من الله ليس فقط لعدم استطاعتنا الخروج وممارسة حياتنا الطبيعة بسبب الخوف من كائن لا نراه، ولكن أيضا لتعرية أنفسنا أمام الذات قهرا وأمام الآخرون غصبا. ففي معترك الحياة العادية، تمتصنا أحداث الحياة بل تبتلع وقتنا وحديثنا ومجهوداتنا دون أن نشعر بأهمية وجودنا الحقيقي في هذه الحياة بعيدا عن الثرثرة والأحاديث الفارغة وقضاء الوقت في نقد الآخرون والتنمر عليهم حتي دون أن نشعر.
وانا أؤمن إيمانًا قاطعًا بأهمية دور كل منا في هذه الحياة، أيا كان هذا الدور، طالما أن الله مازال يمنحنا فرصة يوم جديد نحياه. وبالطبع كلما اتسعت دائرة هذا الدور وتأثيرها ازدادت أهمية دورك وتأثيرك إيجابيًا في الآخرين. وإذا كانت طبيعة عملك لا تسمح لك بتقديم مهارات عملك مباشرة للناس في الشارع وأماكن العمل، فهناك أكثر من طريقة تستطيع أن تقدم نفسك ومهاراتك للناس. وإن لم تفعل فأنت تقلل من قدرك وأهمية دورك في الحياة التي خلقك الله له في هذه الحياة. لا تكتفي بمجرد المشاهدة والمراقبة السلبية ولكن كن فاعلًا والأفعال كثيرة وأنت كفاعل الأقدر علي تحديد الأفعال والمفعول به.
وفي كل ضرر نفع لو تدبرنا الحكمة منه، فليكن من منافع الحظر المنزلي بالنسبة لك جعله وسيلة لاكتشاف أهمية النفس لدي الآخرين ليس فقط كنقد ذاتي ولكن أيضًا كوسيلة لفعل شيء ما نتركه صدقة جارية تنفعنا يوم لا ظل إلا ظله، يوم لا ينفعك فيه مالك ولا ولدك ولا زوجك ولا أبوك ولا أمك ولا أخوك ولا صاحبك ولا رئيسك في العمل الذي كنت يوما تهاب عيناه.
انهض ولو في مكانك واترك أثرًا ينتشر لغيرك من نوافذ غرفتك ومن تحت الأبواب وبالطبع أنت مؤكد الكسبان. وأعدكم أني أحاول قبلكم كل يوم بلا ملل أو نقصان.