الفيروسات الحديثة والتكنولوجيا.. “ومن أعمالكم سُلط عليكم”

حتى ولو كانت الفيروسات الحديثة مخلقة في المعامل بسبب التقدم المروع في علوم التكنولوجيا الحيوية، لا بد وأن نعترف بأنه عقاب من السماء علي البشرية جمعاء بسبب التجبر والظلم والفساد في البر والبحر والجو.
وإذا كان الأمر كذلك، فهنا يتساوى العقاب الطبيعي والمُخلق فكلاهما أسباب من خلق الله. بل أني أري أن العقاب الُمخلق بيد البشر هو أشد أنواع العقاب من الله، فمن أعمالكم سُلط عليكم. فإذا كان التقدم التكنولوجي والتحكم فيه سبب التجبر فهو أيضا سبب العقاب.
ولذلك، فإن لم تحدث تغيرات على مستوي الدول والمؤسسات والأسر والأشخاص لتحقيق العدالة ورفع الظلم والتجبر ونشر الحب وكل معاني الإنسانية، عمليا وليس شعارات ومبادرات، مرورا من المنظمات الدولية ووصولا إلى الفرد ذاته، فلننتظر المزيد من أصناف العقاب الذي يهلك على البطيء بأدوات من الخوف والقلق والفزع والمرض.
وكفى دليلًا على ما أقول، إن العقاب حاليًا ليس مقصورًا على أمة أو دولة بعينها لأن الجميع أمام الفساد سواء. فقد ألم العقاب بالعالم أجمع وهي ظاهرة لم تحدث من قبل على الإطلاق حيث كان غضب السماء من الأوبئة أو البحار أو الأرض أو الجبال محدود بمناطق بعينها.
وقد علمنا الله من هذا الصنف من العقاب الجماعي للبشرية، أن دور العبادة من مساجد وكنائس ومعابد لم يسُنها الله للترويح عن العباد أو جعلها مجرد رمز من الرموز الدينية. فها هي دور العبادات قد قُفلت ومناسكها الكبرى قد أُلغيت لكي يعلم الإنسان أن عبادته لله إن لم تنعكس بالحسني والعدل على الناس فلتغلق. وهي بالفعل قد أغلقت. فالهدف الأكبر للأديان هو تهذيب الإنسان وصلاح ذاته ليس من أجل لذاته ولكن من أجل التعايش السلمي والإنساني مع الآخر.
وهكذا نري أن حتى عقاب السماء يتطور بتطور نوعية الفساد ومساحة وكم انتشاره. ولذلك فالحل العملي بلا لف أو دوران هو العودة إلى طريق المعروف والنهي عن المنكر وهو طريق كل الأديان منذ جدنا آدم حتى الآن.
ولكني أري هذا الطريق قد تهتك وامتلأ بالصخور والحفر التي من العسير جدًا تسويتها إلا بمعجزة من السماء بفضل أصحاب القلوب الطيبة الذين يمشون بيننا ولا ندري عنهم شيئًا. فلنبحث عن تلك القلوب في البيوت والمؤسسات والمجتمعات والدول ونجبر بخاطرها لعل الله يرفع عنا البلاء، ولا يعيده.
اقرأ أيضًا : منافع الحظر المنزلي.. كيف تستفيد منه بأقصى قدر ممكن؟