التعليم: القلب النابض
يعد التعليم قلب الأمة النابض بالحياة و المتدفق بآمال نهضتها و رقيها و ازدهارها، حيث أن العملية التعليمية من أهم العمليات الخاصة باكتساب المعارف و تنمية المهارات و اختبار القدرات. لذلك كانت و لا زالت محط اهتمام عدد كبير من الباحثين و العلماء المهتمين بمجال التربية و التعليم قديما و حديثا.
إذن من هم أطراف هذه العلاقة المتحكمة في فعل التعليم و التعلم؟
1. المعلم أو المؤدب أو الأستاذ:
و هو الطرف الأساس لتمرير الخطاب و تيسير عملية التعلم من خلال اختيار الطريقة و الأسلوب المناسب، و من خلال عرض المادة المعرفية و بسطها وتفصيلها وإعادة تركيب أجزائها، و أيضا بتحفيز المتعلم و خلق الأجواء المساعدة على تلقي المعرفة، و توجيه عناية المتعلم والمساعدة على الملاحظة والفهم والتحليل والاستنتاج.. و غيرها من العمليات المختلفة والتدخلات المتنوعة التي تصب في تحبيب المادة المعرفية و تنزيلها و سهولة الولوج إليها.
2. المتعلم أو التلميذ:
و هو محور اهتمام العملية حيث تتركز كل الجهود حوله و إليه، و ذلك من أجل حثه على المشاركة في هذه العملية، مشاركة فعالة تتوخى استفادة واسعة و تحصيلا معرفيا ينضاف إلى رصيده من المعارف السابقة و يثمنها و يحصل الفائدة المرجوة نحو تحقيق أهداف معرفية، و اكتساب مهارات، و تنمية قدرات و كفايات متعددة الجوانب (حركية، حسية، وجدانية) بشكل دائم و مستمر. و تروم ربط كيانه بالواقع و البيئة المحيطة من خلال حل المشكلات، و الانفتاح على تجارب الآخرين و الاستفادة منها.
كما تمرن على تحمل المسؤولية من خلال اتخاذ المواقف و القدرة على الدفاع عنها مع احترام الرأي و الرأي الأخر، و نبذ الإقصاء و التطرف. و تعمل على تهذيب ذوقه و الرقي بحسه الجمالي من أجل الاستمتاع خلال كل مراحل التعلم.
3. المحتوى أو المادة المعرفية :
و هو الواسطة التي تمتد بين المعلم و التلميذ فحولها يجتمعان. و تختلف هذه الأخيرة باختلاف المادة المقترحة أو الحصة المقررة بين ديني وثقافي و أدبي و علمي و مواد تفتح و تكنولوجي و رياضي.. تراعي مستوى النمو المعرفي للمتلقي (المتعلم)، و تلبي حاجاته و تستجيب لمتطلباته.
و هكذا و باكتمال أضلاع المثلث التربوي تتضح الصورة. فكلما كانت هذه العلاقة مبنية على الخبرة والمعرفة و الثقة و الاحترام و التفاؤل إلا و سارت نحو الرقي و الزيادة و النمو و التمكن، لكن إذا اختل أي طرف من هذه الأطراف أو زاغ عن مساره الصحيح إلا و سجلنا انتكاسة و حصدنا نتائج عكسية.
لهذا فعملية التربية و التعليم هي المختبر الحقيقي الذي يبنى فيه حاضر و مستقبل الشعوب وفق فهم صحيح لماضيها، و استثمار أمثل لموروثها، و ضمانا لتحقيق آمالها و تطلعاتها، و هو بذلك لا يقبل عبث الساسة، و خرص الجاهلين، و أطماع الحاقدين، و لا أوهام الحالمين، بل هو ميدان للترقي والتنافس والاجتهاد الحقيقي.